Friday, November 6, 2009

لكم منا التحية.. ومنا العذر إن كان عذراً يُقبل

لكم منا التحية.. ومنا العذر إن كان عذراً يُقبل..

اليوم الأحد 25-10-2009

تحاول مجموعة من "الصهاينة المتطرفين" اقتحام المسجد الأقصى بمساعدة من "جيش الإحتلال اليهودي".. والآن يحاصر الجيش الصهيوني المسجد يعتقلون ويضربون ويصيبون.. ويفرضون الحصار على المسجد.. فلا دخول ولا خروج..

هذه هي المرة الثالثة خلال هذا الشهر..

لماذا؟؟ لأداء طقوسهم الدينينة فيما يسمونه "هيكل سليمان"..

اتسائل لماذا يُقال أنهم جماعة متطرفة بينما من يقوم بحمايتهم وتأمين دخولهم هم جنود الدولة اليهودية

لماذا يقولون "متطرفون" إذا كان الصهاينة منذ أن دنسوا أرض فلسطين وهم قد وضعوا مخططاً يسعون لتنفيذه في هدوء وبطء.. هذا المخطط الغرض منه هدم المسجد الأقصى وإقامة ما يسمونه بـ "هيكل سليمان"..

لماذا يقولون "متطرفون" إذا كان جنود الإحتلال يقومون بمنع المصلين من دخول المسجد ويقومون بشتى أنواع الإذلال لكل مسلم يحاول الدخول للصلاة..

ما أحاول قوله أنه ليس هناك يهود "متطرفون" ويهود "معتدلون".. فعندما اختار اليهود دولة فلسطين لبناء وطن لهم.. أقاموا معتقدات دينية لهم لجذب اليهود إلى أرض فلسطين..

فهي دولة "يهود" مقابل دولة "الإسلام"..

دولة يهود التي ما قامت إلا على أنقاض دولة الإسلام..

دولة يهود التي من أساساتها إقامة هيكل سليمان على رفات مسجد الأقصى المبارك..

والخطوات تتابع.. اقتحامات متتالية لمعرفة ردود أفعال المسلمين.. والآن هم نيام في سبات عمييييييق.. سَيلي هذا مشاركتهم لنا في مسجدنا فيمارسون عقائدهم في أرضه.. وكما حدث في المسجد الإبراهيمي الذي انتهى المطاف فيه أن 90% من المسجد هو لليهود والـ10% المتبقية هي للمسلمين مع منعهم من الدخول من الأساس في بعض المناسبات اليهودية!!!

وفي النهاية ينهار المسجد بسبب كثرة الأنفاق من تحته.. أو بفعل زلزال طبيعي.. أو مصطنع.. أو ربما يهدمونه على عين المسلمين.. ولم لا فالمسلمين لا يحركون ساكنا لانتهاكات الأقصى.. لا يثورون لقتل المسلمين.. وأسرِهم.. واضطهادهم.. وسلب بيوتهم.. وتشريدهم.. وخطف الشباب صغار السن (13,14,15).. وسرقة أعضائهم.. وحصارهم والتضيق عليهم حتى في ضرورات الحياة..

إذاً لا نقول "متطرفون يهود" أو "حكومة يمينية متطرفة".. فاليهود على خلاف المسلمين عامة.. يقومون بالتخطيط الدقيق لأهدافهم.. خطط طويلة المدى.. وبدائل للخطط.. وهم يحسبون لكل خطوة قبل الإقدام عليها.. هم يهود يسعون لإقامة دولة على أنقاض الشعب لفلسطيني عاصمتها القدس والمسجد الأقصى يصبح هيكل سليمان.. هذا الهيكل الذي أثبت علماؤهم ألا وجود له في هذه المنطقة كلها لكنهم لا يعترفون بهذا..

ومن ثم تمتد الدولة بعد ذلك من النيل إلى الفرات..

يقول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله".. فهو مسجد مبارك.. مبارك ما حوله.. وهو القبلة الأولى للمسلمين.. وهو ثالث الحرمين الشريفين..

فلكم تحية أيها المعتكفين في المسجد الأقصى.. ودعاء لكم بالصمود والنصر.. فأنتم المرابطين.. وليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيماً..

وتحية إلى طفل وقف في وجه صهيوني يدافع عن المسجد.. هو رجل أكثر من مئات من أشباه الرجال..

تحية إلى كل أم ربت أولادها على العزة ودفعت بهم لمقاومة الاحتلال..

تحية لأهل القدس الذين يقفون في وجه الاحتلال واعتداءاته..

تحية لكل من صمد في بيته في القدس يواجه الظلم ومحاولات الطرد من بيته..

تحية لكل مسلم في أرض فلسطين يقف مدافعاً عن مسجدنا وأرضنا وشعبنا وديننا..

واعذروا ضعفنا.. وفرقتنا.. وركوننا إلى دنيانا.. وانشغالنا بحياتنا عن نصرتكم.. أليس هذا لسان حالنا.. بل إن البعض يضن حتى بالدعاء لهم بالنصر والثبات.. اعذرونا إن كان هذا عذراً..


لينة مصطفى 25-10-2009

Wednesday, September 23, 2009

رمضان نقطة الانطلاق

جميعنا يستقبل رمضان بالبشر والسرور.. وننتوي الجد والاجتهاد في الاستزادة من الأعمال الصالحة.. فننطلق إلى الطاعات وأعمال البر هنا وهناك.. وتمتليء المساجد بالمصلين في صلاة التراويح والتهجد.. ويتسابق الجميع في عدد الختمات.. وتنهمر الدموع وترتفع الأكف وتعلو الأصوات للتأمين على دعاء الإمام: "اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين.. اللهم رد المسلمين إليك رداً جميلاً.. اللهم وحد كلمتهم وألف بين قلوبهم.. وانصرهم على عدوك وعدوهم.. اللهم من أراد الاسلام والمسلمين بسوء فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره".. اللهم آمين..
وتمضي الأيام المعدودات.. ويرتحل الشهر الفضيل.. وتعود أمة الإسلام إلى سابق عهدها.. وإلى يومنا هذا لم نَرَ المسلمين قد اتحدوا أوعادوا لدينهم أو ساد الحب بين قلوبهم ولم يـُـنصروا على عدو الله وعدوهم.. والسؤال الآن.. نتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة والدعاء في شهره الفضيل.. إذاً لماذا لا يستجيب دعاءنا؟؟
اسأل نفسك.. هل تتعامل مع رمضان كما أراد الله منك؟؟ لقد صدقنا الله وعده أنه يستجيب لنا إذا دعونا.. لكنه كَتَبَ أيضا أنه (لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد:11.. وما تعيشه أمة الإسلام اليوم من التأخر والهوان على جميع الأمم سببه اهمالها الطويل وبُعدها عن أسباب العزة وعدم الأخذ بأسباب القوة..
لقد أهدانا الله رمضان.. فرصة لتجديد الشحنة الإيمانية لأرواحنا.. وفرصة كبيرة لوضع أساس التغير نحو الأفضل.. والتغير سنة كونية لابد أن تحدث.. إما للأفضل أو للأسوأ..
ومن رمضان نخرج بفوائد عديدة تعيننا للمُضي قدماً في طريق الحق إذا وقفنا على معانيها وفهمناها فهماً صحيحاً.. والأهم طبقنا ما فهمنا.. فعلى قدر العمل تأتي النتيجة..
ماذا قدمنا في رمضان؟؟ وما الذي تعلمناه؟؟ وكيف نتعهد الثمرة حتى تنمو وتزدهر؟؟
لوعرفنا فوائد ما نقدمه في رمضان وكيف نقدمه وتعهدناها في رمضان وتابعناها من بعده حققنا ما أراده الله واستفدنا من هديته..
في معادلة بسيطة فإن عملنا في رمضان:
الامتناع عن المباح في نهار رمضان + الاستزادة من القرآن + التقرب إلى الله بالطاعات + تعلم ضبط النفس = تحقيق معنى التقوى وهو الغاية من رمضان
الامتناع عن رغباتنا الحلال في نهار رمضان..
وهنا نتعلم معنى الانقياد التام لأوامر الله قبل معرفة حكمة الأمر.. (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا) الأحزاب:36.. الانقياد لله في كل أمر هو فرض.. فلا تأخذ أمراً وتترك آخر بحجة أنك غير مقتنع أو أنه غير مهم.. واحذر أن تكون ممن ضلوا ضلالاً بعيداً..
ثم إن الصيام تربية للنفس وتدريب لها على ترك الحلال لله.. فإذا عُرِضَ عليها الحرام كانت على اجتنابه أقدر.. ثم إذا دعا الداعي إلى الجهاد في سبيل الله كانت عليه أقدر من غيرها..
فالصيام ليس مبرراً للتكاسل عن الدراسة أو العمل.. وليس مبرراً لكثرة النوم.. إن هذا من أنفسنا الضعيفة.. لا تقل أذهب للعمل متأخراً لأني صائم.. أو أترك العمل مبكراً لأني صائم.. ولا تقل أنام وقتاً طويلاً لأني صائم..
ولنا في حياة أشرف الخلق وصحابته من بعده ومن تبعهم بإحسان مثالٌ يُحتذى به.. فكثيرٌ من جهاد المسلمين والمعارك التي حققوا فيها النصر والعزة.. احتل موقعه مع مجاهدة النفس في أيام شهر رمضان.. ففي السنة الثانية للهجرة فـُـرِضَ الصيام.. وفي السابع عشر منه كانت معركة بدر فاصلة بين الحق والباطل..
فتح مكة كان في 10 رمضان 8هـ..
معركة القادسية كانت في رمضان 15هـ..
فتح بلاد الأندلس كان في رمضان 92هـ..
ومعركة عين جالوت كانت في رمضان 685هـ..
موقعة حطين كانت في رمضان 584هـ..
فإذا كانت هذه الانتصارات كانت في شهر الصيام.. فلا عُذر لك على القعود والخمول بحجة أنك صائم.. وإذا كان اتقان العمل في غير رمضان هو واجب.. فعليك الحرص على اتقان العمل وأنت صائم..
+ الاستزادة من قراءة القرآن..
نسعى في رمضان للاستزادة من الحسنات بقراءة القرآن وختمه مرة أو عدة مرات.. وهذا لا بأس فيه.. لكن الأصل في قراءة القرآن قراءته بتدبر.. ألا يقوم الحبيب بقراءة رساله محبوبه مرات ومرات يفهم معانيها ويحفظ كلماتها ويُنفذ ما يطلبه ويكررها على نفسه كلما اشتاقت نفسه إلى الحبيب.. ولله المثل الأعلى.. فالقرآن رسالة الله إلينا فلنقرأة بفهم.. ففيه منهج حياتنا وصلاح أمر دنيانا وآخرتنا.. هو سبب للرفعة قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" مسلم..
فيه أوامر ونواهي.. فيه وصف للجنان وكل ما يقرب منها.. ووصف للنيران وكل ما يؤدي إليها.. فيه قصص من قبلنا نتعلم ونعتبر منها لحياتنا.. وفيه قوانين لصلاح أمور دنيانا.. وما يصلح أمر الفرد والمجتمع..
انظر للحبيب صلى الله عليه وسلم وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها فقالت: "كان خلقه القرآن" الألباني.. في عبادته.. في كلامه.. وأفعاله.. ومعاملاته.. وفي شأنه كله صلى الله عليه وسلم..
فكما تخصص وقتاً للعمل.. ووقتاً للأهل.. وقتاً للمتعة.. ووقتاً لزيارة الأصحاب.. فلتجعل لنفسك من القرآن نصيباً.. تقرأ كلماته بتأني.. تفهم ما صَعُبَ عليك فهمه.. تقف على أحكامه وتطبقها.. تقرأ في قـَـصص القرآن وتأخذ العبرة.. تتعلم تلاوتَهُ تِلاوَة صحيحة.. تحفظ منه.. تـُـحبه وتـُـسارع لتنفيذ ما جاء فيه لأنه رسالة الله إليك.. لا تضعه على الرف يشكو التراب إلى رمضان التالي.. فما لهذا أَرسـَـل الله إلينا القرآن.. ثم ما أدراكِ يا نفس أتدركين رمضان التالي أم لا.. هيا أَحِب القرآن واجعله منهاجاً لحياتك.. وابشر يا صاحب القرآن بقول الله عز وجل: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" الإسراء:9..
+ التقرب إلى الله بالطاعات
طاعاتك في رمضان كانت كثيرة؟؟ صلاة في أول الوقت.. في جماعة.. نوافل.. قيام ليل.. قراءة قرآن.. حضور مجالس للعلم.. صدقات.. دعوات.. من علامات قبول الحسنة الحسنة التي تتبعها.. فإذا رأيت من نفسك إقبالا على الطاعة فأبشر بالقبول بإذن الله لكن ضَع نصب عينك قول الله تعالى: (والذين وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) المؤمنون:60..
واحذر أن تركن إلى النوم والعودة إلى التقصير.. وتنكث الوعود التي عاهدت الله عليها بأن تثبت على الطاعة وتستمر في علاقتك مع ربك.. والأسوأ من ذلك أن تظن أن واجبك هو العبادة في رمضان فقط.. ويكفي ما اجتهدته في رمضان حتى رمضان الذي يليه!! أليس رب رمضان هو رب باقي العام!! ألم يقل الله عز وجل في كتابه (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) الحجر:99 "اليقين:الموت".. لا تكن كالذين قال فيهم السلف: "بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان"..
ولتعرف أن للنفس إقبال وإدبار.. فقد تجد أن عبادتك قد قلت عن رمضان فتظن أنك من المفرطين فتترك ما أنت عليه.. فاحذر الشيطان.. وتمسك بالقليل وداوم عليه وتَلـَـمس إقبالك على الطاعة واستزد.. علمنا المصطفي صلى الله عليه وسلم فقال: "إن لكل عملٍ شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك" أي لكل عمل يعمله المرء نشاط وإقبال عليه ثم كل نشطة لها فتور واسترخاء.. الألباني..
+ تعلم ضبط النفس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه شرابه" البخاري.. وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة (أي: وقاية وحماية) فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم" البخاري ومسلم..
مضى الشهر وتعلمت فيه كظم الغيظ وتمالك النفس وتصبّرت في معاملاتك مع الناس.. سعيت إلى الصدق والأمانة وقول الحق.. تجنبت قول الزور والغيبة والنميمة والسيء من الأخلاق.. وبالتكرار أصبحت عادة.. عاهد نفسك ألّا تعود إلى سرعة الغضب.. وقلة الصبر.. وسرعة الاختناق ممن حولك.. وألا تعود إلى الكذب والفبركة والخيانة وسيئات الأخلاق.. الآن أنت أقدر على ذلك فلا تعد كسابق عهدك..
أعجبتني نصيحة إحدى الداعيات لبناتها: ليس المهم أن تخرجي من رمضان بكثير من قيام الليل والبكاء من خشية الله فقط.. لأن هذه الأمور تستطيعين تحقيقها في أي وقت.. لكن الأهم من ذلك أن تخرجي من رمضان وقد تمكنت من القضاء على مرض قلبي ألم بك فأنت على ذلك أقدر من أي وقت آخر..
فأمراض القلوب تتعلق بالقلب الواحدة تلو الأخرى حتى تقتله.. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا: "إنَّ العبد إذا أخطأ خطيئةً نُكتت في قلبه نكتةٌ سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب سُقل قلبه، وإن عاد زِيدَ فيها حتى تعلو قلبه، وهو الرَّان الذي ذكر الله (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) المطففين:14" الترمذي..
ألزم نفسك بقول الحق.. بالأمانة.. بالصدق.. تابع التحلي بخلق الإسلام خُلقاً بعد خُلق.. وتأس بالحبيب صلى الله عليه وسلم في أخلاقه.. ولا تقل: يعني أنا اللي هغير الكون.. الناس كلها بتعمل كده.. لما الناس تبطل هبطل أنا كمان.. أنت وحدك من سيقف بين يدي الله يحاسبك على عملك أنت.. فان أحسنت فزت وإن أسأت فلا تلومن إلا نفسك.. تعلّم أن تقوم بالصواب ولو كنت وحدك فقط.. اسمع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يكن أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساؤوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا وإن أساؤوا ألا تظلموا" الأباني
= تحقيق معنى التقوى
يقول الله عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة:183.. إن الغاية من الصيام هي تحقيق معنى التقوى.. فربُنا الرحمن يرجو أن تحقق قيمة التقوى ثمرة صيامك.. والتقوى في كلمات بسيطة أن يجدك الله حيث أمرك ولا يجدك حيث نهاك.. إذاً اسأل نفسك واصدقها فإن صدقتها اليوم وقومتها نجوت يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم..
راقب نفسك واعرف كم بلغت نسبه التقوى في قلبك.. قولك.. معاملاتك.. عباداتك.. وستعرف كم حققت من ثمرة رمضان..
قبل الختام
في صلاتنا ندعو كثيرا لإخواننا المسلمين في بلاد الإسلام.. وندعو للنصر والتمكين لهذا الدين.. فلنكن حجر أساس في بناء أمة الإسلام من جديد.. وبداية الطريق تبدأ بأن نحس أننا بالفعل إخوة في العقيدة.. وأننا كالجسد الواحد لابد لنا أن نشعر بما يعاني منه المسلمين.. ونحن في مرحلة زمنية يعاني فيها الكثير من المسلمين.. في فلسطين وما يحدث من تضييق ونهب للأراضي وتقتيل وأسر وانتهاك لجميع الحرمات.. في الصين وما يحدث من اضطهاد للمسلمين ومحاولة لمحو العقيدة من نفوسهم بالقمع والقتل وتفريق الأسر حتى وصل الأمر إلى ارسال الأطفال ليتربوا في أسر غير مسلمة.. في أفغانستان وما يحدث من تقتيل وذبح للمسلمين.. وكذلك باكستان.. والأصعب على النفس اقتتال الإخوة في البلد الواحد كما يحدث في الصومال واليمن والسودان..
والنُصرة ليست بالدعاء فقط.. بل بالاحساس بما يحدث لهم ومتابعة أخبارهم.. واتخاذ الخطوات لمساندتهم بما نقدر عليه.. بالمال.. بالمقاطعة.. بنشر القضية.. وبالعودة إلى الدين الحق.. ففد كتب الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن النصر والتمكين يتنزل على الإنسان عندما يعمل وليس عندما يدعو ويقعد ينتظر النصر..
وختاما..
في رمضان نعمل على التوازن بين غذاء الروح وغذاء القلب فنـُـكثر من العبادات ونترك المباحات بعض الوقت.. نتعهد أنفسنا بالتربية وننقاد لأمر الله.. نـُـمضي ثلاثون يوماً من تنظيم الوقت وتغير للعادات.. وتكرار لهذا التغير وهذا التنظيم.. موعدٌ للسحور والفطور وموعدٌ للقرآن والقيام والعمل أو الدراسة والأسرة والأصدقاء.. ألسنا بهذا قد وضعنا حجر الأساس للتغير؟؟ يقول علماء البرمجة النفسية أننا بحاجة إلى تكرار السلوك من 6 إلى 12 مرة حتى نعتاد عليه.. ونحن قد كررناه 30 يوماً متتالية..
بعد هذه التربية لنفسك في رمضان.. واعتيادك على مبدأ التغير والتنظيم.. قف مع نفسك بصراحة.. اعرف خيرها وشرها.. واسع لتطويرها وتهذيبها.. تخيّر خصلة ترغب في تغيرها أو عادة تتمنى اكتسابها وابدأ.. فإن لم تكن قد بدأت في رمضان فأنت الآن أقوى وأقدر على التغير عما قبل الشهر الفضيل.. جاهد نفسك واسع نحو الأفضل..
رمضان بداية وليس نهاية.. ورب رمضان هو رب جميع العام طـَـلَبَ منا العمل من أجله طوال العام.. فلا تجعل رمضان لله.. وباقي العام للنفس وشهواتها والجري الحثيث من أجل الدنيا وحدها.. (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) النحل:92..
والله المستعان ولا تنسوني من صالح دعائكم
لينة مصطفى
1 شوال 1430- 20-09-2009

Wednesday, June 17, 2009

وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر

وإن استنصروكم في الدين

فعليكم النصر

سجل يا تاريخ الامة سجل سجل هالكالام

ألم كبير وهم وغم قد حل بأرض الاسلام

أبياتُ شِعرٍ سمعتُها وأنا طفلة.. وكان سببها خيبة المسلمين في أحداث ما أصابت العالم الإسلامي..

فليسجل التاريخ الإسلامي هذا العار الذي ألمّ بالأمة الإسلامية.. فليسجل الوهن الذي نخر بداخلها وأصاب الضعف جميع أفرادها.. حتى نُشاهد أهلنا يُقتلون.. ونقف في صمتٍ ننظُرُ إليهم..

نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غير ديننا أذلنا الله.. قالها سيدنا عمر بن الخطاب للمسلمين في زمانه.. تُرى لو كان بيننا عمر ماذا كان يقول للمسلمين..

هنيئاً لنا الذل الذي ارتضيناه.. هنيئا لنا الركون إلى بيوتنا.. أموالنا.. أزواجنا.. والنعيم الذي نعيش فيه.. نعم.. نحن نعيش في نعيم.. ننام في سريرٍ مريح بلا خوف.. نُربي أبنائنا في أمان.. نخرج وندخل بيوتنا بلا ترقُب.. نأكل ونشرب أفضل الطعام.. فنحن إذاً نملك الدنيا وما فيها.. كما قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا) رواه البخاري

هل ترون هذه الصورة؟؟ عندما أنظر الى هذه الفتاة الصغيرة.. وهي مشهد واحد صغير جداً مما يحدث الآن في غزة في فلسطين.. أشعر بالألم في صدري والدموع تتدافع إلى مقلتي.. أتراها تبكي والدها.. أم أخوها.. أم رفيقة دراستها.. أم تراها تشعر بالخوفِ وهي في طريقها إلى بيتها.. الخوف من أصوات الصواريخ.. الخوف من أن تهبط عليها قذيفة.. الخوف أن تذهب إلى منزلها وتجد معالمه قد اختفت.. أو الخوف من فقدان بعض أفراد أسرتها أو كلهم..

إنهم يعيشون في خوف.. في ترقب.. وفي سجن.. فالصهاينة لعنهم الله قد أغلقوا عليهم منافذ الحياة.. يتحكمون في دخول الطعام والشراب والدواء وكل أوجه الحياة.. فتسمح بدخول ما تشاء وقتما تشاء.. وترفض دخول ما تشاء وقتما تشاء.. ونحن أمةٌ صامتة.. قَبِلت بالوقوف والمراقبة عن بُعد.. وحتى أننا أغلقنا قلوبنا عن الشعور بالحزن من أجلهم والرغبة في مساعدتهم..

ولم يكتفوا بهذا فقط.. بل بكل تبجحٍ وغرور يخرجون ليقولوا أنهم هم من يردون على اعتداءات حماس على مستوطناتهم بهذا الهجوم الدامي.. هم من يدافعون عن حياة مواطنيهم.. هم الذين يشعرون أن عليهم الدفاع عن وجودهم.. وأتسائل لماذا؟؟ أهم في بلادهم محاصرون؟؟ أم أن حماس تمنع عنهم الماء والزاد والدواء والوقود؟؟ أم أن حماس تملك قوة دمار شامل وهي تقتل المئات في كل غارة لها؟؟

في 3 أيام سقط حوالي 313 شهيد.. ووصل عدد الجرحى الى أكثر من 1400 مصاب.. منهم الكثير في حالات الخطر.. وهي أعداد في زيادة مخيفة.. ولزيادة مصيبة شُح العلاج.. قام اليهود بقذف المستشفى حتى تتداعى على رؤوس الجرحى والأطباء.. والكثير من هؤلاء الشهداء هم أطفال صغار.. أو بنات في مقتبل العمر.. أو أمهات في بيوتهن.. الموت في كل مكان للأبرياء من الناس.. فهم ليسوا عسكريون كما يقول الصهاينة.. وإن كان للعسكريين ولكل مسلم كل الحق في الدفاع عن أرضه.. أرض فلسطين.. فهي أرض المسلمين.. وستبقى أرض المسلمين.. رفض من رفض ورضي من رضي..

تخيل نفسك فيما بينهم الآن.. فقدت بيتك على أقل تقدير.. أو فقدت أحد أفراد أهلك.. أو فقدت ولدك.. ماذا ستشعر.. وما هو إحساسك وأنت في وسط هذا التيار تتنظر الموت بين لحظة وأخرى.. وتتمنى أن ينصرك إخوانك المسلمين من حولك في كل البلدان.. فتسمع التنديدات تنطلق من الحكام.. ومطالبات بوقف الحصار ووقف اطلاق النار.. ولا تجد من يمد إليك يديه يُدافع عنك ولسان حاله يقول أنا معك وحالي من حالك وما يصيبك يصيبني.. أي خيبة أمل تصيبك من موقف اخوانك في كل مكان..

حصار.. وخوف.. نقص في الطعام والشراب والدواء والوقود.. وقذائف تهبط تقتل الجميع بلا رحمة..

علينا أن ننصرهم.. علينا أن ننصرهم.. علينا ألا نقف مكتوفي الأيدي.. ربما ليس في أيدينا الجهاد بحمل السلاح.. لكن بأيدينا أنواع مختلفة من الجهاد..

· علينا بنشر القضية.. قضية فلسطين.. على القضية أن تبقى حية..

· علينا بالتبرع بكل ما نستطيع من أموالنا.. ودمائنا إن أمكن..

· علينا العودة إلى الله.. ونجدد عهدنا معه.. نعيش بالاسلام.. وندعو ونبتهل إليه سبحانه وتعالى أن يُزيل عنهم الغُمة.. نقوم الليل.. نصوم.. ندعو..

· المقاطعة.. المقاطعة.. المقاطعة.. فلندخل على هذا الرابط http://www.kate3.com/what/ ولنجتهد في المقاطعة فهي والله سلاح قوي..

· علينا ألا ننسى قضيتنا.. فبعد مرور الأيام نبدأ في النسيان.. لكن علينا أن نذكر بعضنا بعضا.. فهذه أمانة نحملها.. ألا إننا سنقف بين يدي الله في يوم قريب.. وهو سائلنا عن إخواننا في الدين والعقيدة.. وما يجري لبلد مسلم مجاور اليوم.. فوالله إننا لا نأمن أن نكون مكانهم في يوم غد..

اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.. اللهم وحد كلمتنا..اللهم اجمع بين قلوبنا.. اللهم ارزقنا القوة.. وانصر دينك بأيدينا.. ولا تجعلنا من أمة يقول لها الرسول صلى الله عليه وسلم بعداً بعداً لما فرطنا في ديننا من بعده..

لينة مصطفى 29-12-2008- 01-01-143

أيها المسلمون .. وماذا بعد..

أيها المسلمون .. وماذا بعد..

منذ عدة أيام.. قمت في منتصف الليل أعاني من بعض الآلام.. فأيقظت زوجي.. والذي أضاء الأنوار.. وذهب مشكورا ليحضر لي الدواء.. وكوب ماء.. بعد عدة ساعات اختفى الألم وعدت إلى النوم.. في اليوم التالي.. اتصلت بصديقة لي أطمئن على ولدها.. فقد كان مريضا.. وعرفت أنه ذهب إلى الطبيب الذي وصف له بعض الدواء لتتحسن صحته..


اليوم صباحاً تذكرت هذه الأحداث بعد أن أستمعت إلى بعض الأخبار.. فأنا أحاول جاهدة أن أبقى مطلعة على أحداث العالم الإسلامي والعالم في ظل ظروف الحياة.. حقيقة قلبي أوجعني. أن يكون الخبر الرئيسي الذي يتصدر الأخبار (اليوم واليومين الماضيين).. هو طفل حديث الولادة.. في غزة.. يرقد في سرير الأطفال موصل بالأجهزة.. مهدد بالموت.. لماذا؟ لانقطاع الكهرباء في غزة.. الخبر الذي يلية.. شخص مريض يحتاج إلى غسيل الكلى لكنه لا يستطيع.. وذلك لانقطاع التيار الكهربائي في غزة.. وأخيراً (وبالتأكيد ليس آخراً) طفل موضوع على جهاز التنفس الصناعي قد أوشك المولد الكهربائي الذي يمده بالأوكسجين على الانقطاع.. وهو مهدد بالموت لانقطاع الكهرباء عن غزة..
أين ذهبت الرحمة من قلوبنا؟؟ هل انشغلنا لهذه الدرجة بالاهتمام بأنفسنا حتى نسينا أن نرفع صوتنا فقط ونقول لا؟! لا للحصار الذي يؤدي إلى موت المرضى.. الأطفال.. البراءة تموت بأيدينا نحن.. فالساكت عن الحق.. .. ..


ليت أخبار غزة أنتهت هنا.. لكن إليكم الخبر التالي.. أصحاب المخابز.. في غزة.. بدأوا في استعمال القمح الفرز الثاني لعمل الخبز.. وذلك لحاجة الناس الى الخبز.. فرز ثاني يعني أن هذا القمح خاص بالحيوانات!! نعم للحيوانات.. لم أخطئ في الكتابة.. لقد بلغ بهم الجوع مبلغه..
لا كهرباء.. لا دواء.. لا طعام.. لا ماء.. لا شيء.. لا شيء لهؤلاء.. لماذا؟؟ لأنهم وقفوا في وجه الاحتلال اليهودي وقالوا لا.. لا لن تأخذوا أرضنا.. لن تجعلونا نخضع لكم.. لن نذل أنفسنا تحت أرجلكم..


والمضحك المبكي في هذا الأمر هو صمتنا التام نحن أبناء الإسلام.. ماذا فعلنا من أجلهم؟؟ لا ليس صمتا تاماً بل هو أسوأ والله.. لقد بعناهم بدنيانا.. بعناهم برفاهيتنا في الحياة.. تخلينا عنهم وتركناهم في سجنهم حتى نعيش بحرية.. لكن.. هل نحن فعلا نعيش في حرية؟؟ نعم نحن نتنفس الهواء.. نشرب.. نأكل.. وننام.. لكننا في سجن أسوأ من سجنهم.. سجن الجُبن والسلبية والأنانية واللامبالاة.. وهل من سجن أسوأ من ذلك؟! سجن من الجهل والفقر.. سجن من الكبت والقهر.. سجن من الخوف أن نقول لا فتمتد 1000 يد تُخرسنا..
أنا لا أُطالب إلا بأن نقول لا.. لا لموت الأبرياء.. لا لموت المسلمين وإخوانهم المسلمين من حولهم صامتون.. لا لموت الأطفال من المرض والجوع.. فلتكن مواجهه عادلة.. حرباً متساوية.. لا حرب يمتلك فيها أحد الأطراف كل شيء.. ويقف الطرف الآخر أعزل السلاح والزاد.. وأعزلا من التأييد.. حتى بقول لا..


فلنرفع شعارنا عاليا: لا لحصار غزة.. لا لحصار غزة.. لا لحصار غزة..


لينة مصطفى 11-2008

Monday, June 15, 2009

لراحة تسكن القلب


لراحة تسكن القلب..

في الأيام القليلة الماضية شغلني التفكير في معني ليس بجديد.. ولكني استشعرت قوة تأثيره في حياتنا.. هو طاعة وقربى لله.. نعرفه جميعاً ونسمع به.. إلا أننا بالكاد نتوقف عنده ونراجع أنفسنا لنعرف "هل حققناه في حياتنا؟".. ..
تساؤل..
هل حصل واستيقظت من نومك تحمل هموم الدنيا جميعها.. ومشاكل حياتك تطاردك حتى أثناء نومك.. فاستيقظت مرهق الذهن كأن لم يغمض لك جفن؟؟ ولسان حالك يقول: كيف سأعيش مع كل هذه المشاكل فوق رأسي؟؟
حسنا.. تساؤل آخر..
هل حصل وأن قُمت من نومك وشعرت براحة عجيبة وسعادة تغمر قلبك.. وقمت من نومك في خفة وكأنك قد نمت يوماً كاملاً والحقيقة أنك لم تنم سوى ساعات قليلة؟؟ وتشعر أنك إنسان خالٍ من المشاكل وأنك أسعد أهل الأرض.. ولسان حالك يقول: ما أجمل الحياة فأنا سعيد بكل ما يحصل معي.. وسأتجاوز كل عقباتي..
لم تقم من النوم لتجد مشاكلك في الحياة قد أنتهت.. فلم يصرف لك رئيسك في العمل مكافأة.. ولم تتوقف زوجتك عن مطالبتك بمصاريف الأولاد.. ولم يتوقف زوجك وأولادك عن الطلبات.. ولم يكف ابنك الصغير عن البكاء طوال الليل.. وعلى مستوى أكبر.. لم تنفرِج الأزمة الإقتصادية عن العالم.. ولم يتوحد المسلمين.. ولم تُحرر فلسطين..
ومع هذا كله تصحو وأنت ترى الحياة مشرقة.. وتحمل خفة في الروح.. ووجهك منبسط.. ويحمل قلبك الكثير من الرضا..
الرضا.. نعم هذا هو المعنى الذي أردت أن أتحدث عنه..
فما هو الرضا؟؟
الرضا هو سكون في القلب وراحة وطمأنينة تسكنه وتُشعره بالسعادة..
هو يقين يملأ الإنسان بأن الله قد اختار الأفضل فيرضى به..
هو تقديرٌ لنعم الله وصبرٌ على المحن.. وتقبل لكل ما يقدُره الله..
باختصار.. الرضا أن تنظر لنصف الكوب الممتليء في كل وقت..
يخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد مسلم يقول حين يُصبح وحين يُمسي ثلاث مرات : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة".. رواه الإمام احمد..
هل أنت راضٍ عن الله؟؟ نعم.. لم أُخطيء الكتابة.. فأنت تقول: "رضيت بالله رباً".. فهل أنت حقاً راض؟؟ فهذه الكلمات تعني أنك برضاك به رباً.. فأنت ترضى بكل ما قسمه لك ورزقك إياه أو حرمك منه أو أخره عليك..
وحين يرضى الإنسان عن ربه يكافئه الله بالرضا عنه.. "رضي الله عنهم ورضوا عنه.." التوبة 100..
ومن حُرم الرضا فهو في قلق واضطراب وتضجر وعذاب.. خصوصاً عند الإبتلاء أو المصيبة.. فيجد حياته قد اسودت وأظلمت في وجهه.. وتضيق به الأرض بما رحُبت.. وتتملكه وسوسة الشيطان.. فالإنسان إذا سخِط على قضاء الله فلا شيء له إلا سخط من ربه.. "فمن رضي فله الرضا.. ومن سخط فله السخط"رواه الترمذي..
هل السعادة في امتلاك ما يُرضيك أم الرضا بما تملك؟؟
قد يظن البعض أن الرضا يقتصر على حجم الأموال التي نملك.. لكن الرضا لا يقتصر على ذلك فحسب.. فنحن نسعى جاهدين للحصول على أشياء كثيرة في الحياة.. ونُعلق سعادتنا على تحقق هذه الأشياء.. فتجد أحدنا يقول:
- سأشعر بالسعادة عندما أنتهي من المدرسة وأدخل الجامعة..
- سأشعر بالسعادة عندما أُنهي دراستي الجامعية..
- سأشعر بالسعادة ببداية الإجازة..
- سأشعر بالسعادة إذا وجدت الوظيفة المناسبة..
- سأشعر بالسعادة إذا تمكنت من ادخار مبلغ (....................)..
- سأشعر بالسعادة إذا تزوجت هذه المرأة (هذا الرجل)..
- سأشعر بالسعادة إذا اشتريت هذا المنزل\ هذه الأرض..
- سأشعر بالسعادة إذا رُزقت بطفل \ ببنت \ بولد..
- سأشعر بالسعادة إذا خسرت وزناً \ ازددت وزناً..
والقائمة كبيرة لا ولن تنتهي.. ودعوني أهمس لكم.. لن نشعر بالسعادة حتى لو حققنا هذه الأمور جميعاً.. فدائماً سيكون هناك أمر آخر نرغب في الحصول عليه وتحقيقه.. وسيبقى الشعور بالتعاسة أو بالأرق ملازماً لنا حتى نُحقق ما نُريد.. وبعدها سيظهر هدف آخر نرغب في تحقيقه.. ثم هدف آخر.. وهكذا..
السعادة.. والرضا
السعادة احساس لذيذ بالطمأنينة والسكينة.. والرضا بكل ما قدره الله علينا من أولويات السعادة ومقوماتها.. وبعد الرضا تكمن كل مقومات السعادة الأخرى من مال وزينه وجميع مُتع الدنيا الأخرى.. فشعورنا بالرضا عن حياتنا كلها بما فيها من خير وشر يخلق بداخلنا شعور بالسعادة والراحة.. فقد قال أحد الحكماء: من عَلِم أن الذي قُضِيَ عليه لم يكن ليُخطِئه فقد استراح من الجزع.. استراح من الشعور بالتعاسة والقلق والخوف الذي يستبد بالقلب لعدم تحقيقه مراده.. وانظر إلى ذلك العابد الذي قال: علمت أن رزقي لن يأخذه غيري فاطمئن قلبي..
فإذا دخل الرضا نفس أحدنا فإنه يشعر بالسعادة مُصفاه.. السعادة في أنقى وأجمل صورها..
فلتكن الدنيا في يدك لا في قلبك..
اذن السعادة ليست في تحقيق رغباتنا.. إن المحور الأهم للسعادة هو الرضا والقناعة وطمأنينة النفس.. فمن يمتلك الدنيا جميعها ولا يملأ قلبه الرضا فلن يشعر بما لديه من نعم.. يُخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: " من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له"صحيح الجامع
وبالتأكيد أنا لا أعني أن علينا أن نزهد الدنيا وننطلق جميعاً إلى المسجد لا نفارقه.. إنما علينا الإرتقاء في الطلب.. والترفع عن الجري اللاهث خلف الدنيا ومتعها.. وكلما ملأت قلبك ثقة في الله وطمأنينة أن رزقك لن يذهب لغيرك.. وأن ما تريد لن يأتي إلا في موعد معين.. وأن الله كتب لك الخير في التعجيل بما تريد أو تأخيره عليك أو حرمانك منه.. كلما كان نصيبك من السعادة أكبر ..
اذن.. علينا أن:
· نبذل الجهد لتحقيق طموحنا في هذه الدنيا..
· نتوكل على الله..
· ثم نرضى بكل ما يقسمه الله لنا..
عندها نشعر بحلاوة الرضا.. وتبتهج الدنيا حولنا.. ونرى السعادة في كل صغيرة وكبيرة..
كلام في الرضا..
· وفي الحديث القدسي: "يا ابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب فإن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محموداً وإن لم ترض بما قسمته لك فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذموماً"..
· ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: "قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه الله بما آتاه" رواه مسلم..
· يقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً (خاوية البطن أي جائعة) وتروح بطاناً (ممتلئة البطن أي شبعانة)"رواه الترمذي..
· ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا"رواه البخاري..
· ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم"رواه مسلم
· ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم: " واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك , وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك"رواه الترمذي..
· وفي وصية لقمان لابنه: أن تعبد الله ولا تُشرك به شيئاً وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت..
· وفي قول قرأته: سرور الدنيا أن ترضى بما رُزقت.. وغمها أن تغتم بما لم تُرزق..
ما الذي يعطيه لنا الرضا؟؟
· الراضي بما قسمه الله يرضى عنه الله ويحبه ويحبه الناس..
· الرضا يجلب الخير والنعم للإنسان في الدنيا والخير الكثير في الآخرة..
· عندما يدخل الرضا القلب يقل طمع النفس وينحسر ذلك الشعور بالهم والقلق وعدم الاستقرار.. وتجد الرضا يجلب للنفس طمأنينة وبهجة وسعادة وراحة.. ويساعدنا على التمتع بكل نعمة مهما كانت صغيرة..
· والرضا يجعلك غنياً.. غنياً عن الناس عزيزاً فيما بينهم.. حراً من التسلط لا تذل لأحد.. فمن قنع بما قسمه الله صار غني القلب زاهداً فيما في يد غيره..
اريد أن أكون راضيا.. ماذا أفعل؟؟
أريد أن يصبح قلبي مطمئناً.. غنياً.. سعيداً.. وأن يحبني الله.. ويحبني الناس..
أريد أن أحصل على ثواب الدنيا والآخرة..
كيف السبيل الى ذلك؟؟
إليكم بعض أفكار تعين على الرضا:
· احرص على تغذية الجانب الروحي.. فزد من قربك من الله عز وجل.. فكلما زودت قلبك بطاعة الله كلما زادك رضاً.. حتى يكون ما يقدره الله لك أحب إليك مما خططت له وتمنيت..
· ارفع يديك إلى الله بالدعاء واسأله أن يرزقك الرضا.. اسأله بصدق وبكلمات تخرج من قلبك.. وقد كان عُمر بن عبد العزيز كثيراً ما يدعوا: "اللهم ارضني بقضائك.. وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تعجيل شيء أخرته ولا تأخير شيء عجلته"..
ودعنا نتأمل في دعاء الاستخارة "واختر لي الخير حيث كان ثم رضني به".. وتأمل في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم "واسألك الرضا بعد القضاء".. فالرضا قبل القضاء هو عزم على الرضا.. أما الرضا بعده فهذا هو الرضا..
· لا تتطلع لما يملكه غيرك وتقارن ما عندك وعندهم.. فربك عادل.. قسم لك ما يُصلحك.. فقد يكون في غنى هذا الإنسان صلاحٌ له وفي فقرة فتنة.. وقد يكون في حرمان هذا من الولد صلاحٌ له ولو رزقه الولد لطغى في الارض.. وقد يكون في ابتلاءك بالمرض صلاح.. وقد يكون تمتعك بالعافية صلاح.. وقد يكون تأخير مسألتك صلاح لك عن لو اعطاها لك الآن.. ضع نصب عينيك قوله تعالى: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم" البقرة 216..
· لا تترك العمل وكن طموحاً.. ضع أهدافك ورتب رغباتك.. واسع بكل جهد لتحقيقها.. ولا تنس أن تتحدث مع نفسك وتخبرها بأنك: "ستعمل بجد وتسعى بكل جهد وسترضى بما سيقدره الله لك"..
· ابذل جهدك وتخلى عن انتظار النتائج.. لا تترقب النتيجة كما تريدها تماماً.. واعلم أن زيادة في الجهد ليست هي ما سيحقق ما تريد في الوقت الذي تريد.. فـ "ما أصابك لم يكن ليخطئك"..
· كن إيجابياً ومتفائلاً.. وتذكر قول الله عز وجل في الحديث القدسي: "أنا عند ظن عبدي بي"..
· اعرف حقيقة الدنيا وضع فرامل لنفسك.. تجنب الحرص الزائد على طلب الدنيا ومتعها ومباهجها الزائلة.. ولتكن الدنيا في يدك لا في قلبك.. · اشكر الله على نعمه.. تأمل في نعم الله مهما كانت صغيرة.. واستمتع بها واشكر الله..
قف أمام البحر واستمتع بالنسيم العليل.. واشكر الله..
تنفس الهواء النقي ودعه يدخل إلى رئتيك بقوة.. واشكر الله..
اشرب الماء واستمتع به فهناك غيرك من يموت عطشاً.. واشكر الله..
استمتع بوجودك بين أهلك وفي منزلك فغيرك قد حرم أهله ودُمر منزله.. ولا تنس أن تشكر الله..
· تحدث مع نفسك وذكرها بالرضا.. ذكرها بنعم الله عليها.. احضر ورقة وقلماً وضعهما بقربك.. وفي كل مرة تستشعر نعمة الله عليك دون ذلك.. ابدأ بصحتك.. بأهلك.. بمنزلك.. وكلما غزا تفكيرك شعور بعدم الرضا تأمل نعم الله عليك..
· انضم لمساعدة المحتاجين.. انضم لعمل الخير ومساعدة من هم في حاجة إليك من محدودي الدخل أوالفقراء أو ذوي الإحتياجات الخاصة.. تأمل حالهم واشكر ربك..
· وأخيراً لا تستغرق في حياتك وتغرق في هموم نفسك فقط.. اهتم بأمر الناس من حولك.. أسرتك.. أصدقائك.. زملاء الدراسة أو العمل.. تابع أخبار العالم من حولك..
في كل هذا بالتأكيد سترى الكثير من النعم التي رزقك الله اياها كنت غافلا عنها..
همسة أخيرة
* الرضا لا يعني ألا تشعر بالألم عند البلاء.. فقد بكى الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم على وفاة ابنه إبراهيم وقال: "إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا "..
تألم.. لكن لا يكن لسان حالك "لماذا يا رب فعلت بي هذا؟"..
* الرضا لا يعني أبداً ألا ترفع يديك بالدعاء إلى الله أن يرزقك أو أن يرفع عنك البلاء..
* الرضا لا يعني أن ترضى بذاتك كما هي فلا تستزيد من الطاعات والقرب إلى الله.. ولا تسعى في الدنيا لتحسين وضعك..
الرضا.. كان هذا هو المعنى الذي شغل تفكيري.. ودعاني للاستزادة والبحث والقراءة.. وحقيقة لقد استفدت كثيراً وأردت أن أشارككم الفائدة.. وأتمنى ألا تنسوني من دعائكم أن يوفقني الله لما يحبه ويرضاه..
لينة مصطفى 22-04-2009